نهى الرميسي  تكتب لـ بوابة عارف 24 ..(لغة الإعلام )

جريدة البوابة المصرية
جريدة البوابة المصرية
تهنئة واجبة بالنجاح الباهر في الثانوية الأزهرية سميرة عبد العزيز في المهرجان القومي للمسرح الفن حياتي.. وكل مخرج أضاف لرصيدي «الصحة» تستقبل 60 مليون و494 ألف زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية وزير الثقافة يطلق الخطة القومية لإحياء صناعة السينما وتحويل الأصول المعطّلة لمنصات إنتاج وزير الشباب والرياضة ومحافظ الجيزة يفتتحان 5 ملاعب متنوعة بمراكز الشباب مهند الكلش يتقدم 10 مراكز في قائمة Forbes 2025 لأقوى القادة الإقليميين في التكنولوجيا محافــظ مطروح:يعتمد المرحلة الثانية لتنسيق القبول بمدارس تعليم الثانوى للعام الدراسي 2025/2026 معرض الكتاب ببورسعيد يناقش أثر الذكاء الاصطناعي على الإبداع والتحول الرقمي مدير مكافحة الإدمان وسكرتير محافظة مطروح يشهدان حفل تخريج 100 متعافي جديد رئيس الوزراء يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بمدينة العلمين الجديدة سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقع كتاب يوثق رحلتها المسرحية وفاء فخر المنصورة:تضع روشته لطلاب مصر للاشتراك في المسابقات العلمية العالمية

مقالات

           نهى الرميسي  تكتب لـ بوابة عارف 24 ..(لغة الإعلام )

نهي الرميسي
نهي الرميسي

بدأت الإذاعة (الرسمية) فى مصر عام 1934، مواكبة للجو السائد آنذاك مستخدمة لغة فصحى جادة وصارمة حتى فى تقديم الغناء والتسلية ،مع أن الدعوات إلى الكتابة بالعامية واستبدالها بالعربية كانت مطروحة قبل بدء الإذاعة الرسمية من قبل المستشرقين منذ نهايات القرن التاسع عشر من أمثال وليم سبيتا و ويلكوك بل ذهب هؤلاء المستشرقون لطرح أهمية كتابتها بالحروف اللاتينية.
ثم جاء من المصريين أيضا بعد بدعة المستشرقين هذه من ساروا على طريقهم من أمثال لويس عوض وسلامة موسى ولكن تصدى لهم بكل حزم وقوة كبار الكتاب على الساحة الأدبية انذاك أمثال العقاد وطه حسين والرافعى والمازنى الذى قال عن تجربة الكتابة بالعامية أنه لم يجد فيها المرونة اللازمة للتعبير الأدبي.
المهم رغم كل هذا نطقت الإذاعة الرسمية فى مصر باللغة العربية الفصحى وربما دعم هذا التوجه مخاطبة الرئيس الراحل عبد الناصر للأمة العربية كلها من خلال الإذاعة إذاعة صوت العرب.
وتقبل الجمهور للإذاعة التي كانت وسيلة الإعلام الأولى فى زمانها ومصدرا أساسيا للخبر والمعلومة والثقافة والفكر والفن وغيرها من وسائل المعرفة المختلفة .

وقد أثبتت اللغة العربية أنها وسيط تواصلي فعال بين وسائل الإعلام والجماهير فهي المادة الأساسية المكونة للرسالة حيث انها تنسج أهم المفاهيم والمعارف وتصدر مختلف الإيديولوجيات وطرق التفكير،اإضافة إلى إعادة بعث تاريخ الأمم وثقافاتهم، وهي أيضا رمز الهوية والعروبة ،وبالتالي فإن أي سوء يطرأ على كيفية استخدامها واستعمالها يقود إلى عدم اكتمال عملية التواصل بالشكل المنشود.

ويتفاقم الأمر مع هيمنة العامية وما نتج عنها من خلل طال المستويات اللغوية في كثير من الأحيان حتى أصبحت العامية تشكل خطرا على الفصحى، ووصلنا إلى هذا الحال التى نرى عليها الإعلام ولغتِه وما يصل إلينا من صراخ وصياح وابتذال فى معظم البرامج الحوارية على الفضائيات.
ولكن تظل الفصحى هى اللغة التى يثق بها المتلقي مثل نشرات الأخبار والمعلومات التى تحتاج لتوثيق يصدقها المتلقي ويثق بها حين تقدم اليه بالفصحى وكانت هناك تجربة فى إحدى الفضائيات استخدمت فيها العامية فى تقديم نشرات الأخبار،فكان الفشل حليفا لتجرتبها .
وإذا قلنا إن اللغة الإعلامية المثالية هى الفصحى على الإطلاق نكون قد تجاوزنا الواقع والحقيقة ، فاللغة المناسبة ليست الفصحى على إطلاقها ولا العامية على إطلاقها وإنما لكل مادة إعلامية ما يناسبها من لغة وسيطة تسهم فى تسلمها واضحة جلية حاملة الرسالة الفكرية والإعلامية المستهدفة منها .
فكما قلنا النشرات والأخبار والمعلومات تحتاج للغة فصحى جادة لتوثيقها وتوصيلها، أما البرامج الحوارية فتحتاج للغة وسطى كما يقال عنها فصحى العوام وعامية المثقفين، ولكن الجديد والمؤسف والشئ الذى نلاحظه على لغة الإعلام الآن ، هو تخطى مرحلة العامية إلى ما يمكن أن نسميه كارثة فى النطق وفى الجهاز الصوتى لمقدمي البرامج ونلاحظ ذلك جيدا فى المواقع الإخبارية الإلكترونية.

مثل مخارج النطق لا تنتمى للجهاز الصوتى العربي أصلا وإنما تشعر وكأنك تستمع لأعجمى يحاول نطق العربية، ولن أطيل على حضراتكم بطرح أفكار بداهية من قبيل أهمية الحفاظ على اللغة الأم والقيمة والمكانة السامية للغة العربية بشكل خاص ، وهو أمر يدركه العقلاء فى العالم كله وليس عقلاء العرب فقط.

فعندما سئل جابريل جارثا ماركيز عن اللغات فى العالم توقع اندثار معظمها ولن تبقى إلا الإنجليزية والصينيه والإسبانية التى ينطق بها دول أمريكا اللاتينية والعربية ، وعلل ذلك بقوله الإنجليزية لغة التكنولوجيا والعلوم الحديثة، والصينية بحكم التوزيع الديموجرافى والإسبانية لأنها لغة الفن والآداب ...والعربية لأنها لغة الأخلاق والقيم .
وأقول: لغةٌ كهذه تحمل هذه الأمانةَ الإنسانية العليا، وحملت بين ثنايا حروفها حضارةً عظيمة ،ونزل بها دستورٌ حضارتِها المتين ، يكفينا فخرا أن نتمسكَ بها ونلوذَ بحماها من التردى والضلال .

نهى الرميسي



Italian Trulli