مقالات
د. فوزي بونس..يكتب.. إطار التنوع البيولوجي 2030.. نحو تناغم مع الطبيعة بحلول 2050
بداية يمكننا القول بأننا نحمي الطبيعة اليوم ... لنعيش بتناغم غدا فيعد مؤتمر الأطراف الخامس عشر (COP15) لاتفاقية التنوع البيولوجي بمدينة مونتريال الكندية (برئاسة صينية - ديسمبر 2022) محطة محورية في الجهود العالمية لمواجهة التدهور المتسارع في التنوع البيولوجي. فقد أُقرّ خلاله "الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020" المعروف باسم إطار كونمينغ - مونتريال ليكون خارطة طريق جديدة وطموحة حتى عام 2030.
الخلفية: لماذا نحتاج إلى إطار جديد؟
بعد فشل معظم أهداف أيشي للتنوع البيولوجي (2011–2020) في تحقيق نتائج ملموسة أصبح من الواضح أن النظام البيئي العالمي بحاجة إلى تحول هيكلي عاجل.
فالتنوع البيولوجي يتعرض لضغوط غير مسبوقة بسبب:
١- تدمير المواطن الطبيعية.
٢- التغير المناخي.
٣- التلوث.
٤- الأنواع الغازية.
٥- الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية.
الرؤية العامة للإطار
يحمل الإطار شعارا طموحا:
> "العيش في تناغم مع الطبيعة بحلول عام 2050".
ويتضمن هدفا رئيسيا بحلول 2030 يتمثل في:
> "وقف وعكس فقدان التنوع البيولوجي ووضع العالم على طريق التعافي البيئي".
مكونات الإطار العالمي (الأهداف والمؤشرات):
يتكون الإطار من 4 أهداف طويلة الأجل حتى عام 2050 و23 هدفا مرحليا حتى عام 2030 موزعة على محاور رئيسية:
أولا: الأهداف طويلة الأجل (2050)
1. الحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادته: ضمان بقاء الأنواع والنظم البيئية ووظائفها.
2. استخدام مستدام للموارد البيولوجية: الاستفادة من الموارد الطبيعية دون الإضرار بالأنظمة البيئية.
3. تقاسم المنافع الناتجة عن الموارد الجينية بعدالة وإنصاف.
4. تمويل كاف للتنفيذ: تعبئة الموارد المالية والتكنولوجية من جميع المصادر.
ثانيا: الأهداف المرحلية (2030) – أبرز 10 أهداف محورية:
1. حماية 30% من اليابسة والبحر عالميًا على الأقل بحلول 2030 (تعرف باسم: الهدف 30x30).
2. استعادة 30% من الأراضي والمناطق المتدهورة.
3. خفض معدلات الانقراض 10 مرات مقارنة بمعدلات العقد السابق.
4. خفض استخدام المبيدات الخطرة بنسبة 50%.
5. خفض التلوث البلاستيكي في البيئة إلى الصفر تقريبا.
6. وقف فقدان المواطن البيئية الهامة.
7. الإدارة المستدامة للنظم الزراعية والغذائية.
8. احترام المعارف التقليدية والسكان الأصليين.
9. الحد من الأنواع الغازية ومكافحتها.
10. مضاعفة التمويل العام والخاص المخصص للتنوع البيولوجي وتوفير ما لا يقل عن 200 مليار دولار سنويًا.
أدوات التنفيذ والدعم:
* آليات الرصد والإبلاغ الشفافة.
* التمويل المبتكر: كالمدفوعات مقابل الخدمات البيئية والسندات الخضراء.
* تعزيز التكنولوجيا والمعرفة خاصة في الدول النامية.
* تمكين المجتمعات المحلية والسكان الأصليين كمحور رئيسي في الإدارة البيئية.
العدالة المناخية والبيئية في الإطار:
أكد الإطار على أهمية:
* تقاسم المنافع من الموارد الجينية وفقًا لاتفاقية ناغويا.
* حقوق السكان الأصليين والمجتمعات المحلية.
* الربط بين التنوع البيولوجي والتغير المناخي، باعتبارهما أزمتين مترابطتين.
التحديات المتوقعة أمام تنفيذ الإطار:
* نقص التمويل الحقيقي خصوصًا في الدول النامية.
* صعوبة تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية التنوع البيولوجي.
* ضعف القدرة على الرصد والتقييم في بعض البلدان.
* الحاجة إلى التزام سياسي دولي قوي ومستمر.
الوضع في المنطقة العربية وأفريقيا:
تواجه المنطقة تحديات كبيرة بسبب التصحر وتغير المناخ وفقدان المواطن الطبيعية.
لكن هناك فرص هائلة لتعزيز التنفيذ من خلال:
* إقامة المحميات الطبيعية.
* الاستفادة من المعارف المحلية.
* تعزيز برامج التشجير واستعادة الغابات.
* تعزيز التعاون العربي الأفريقي عبر مبادرات إقليمية.
وفي النهاية فإن إطار كونمينغ - مونتريال للتنوع البيولوجي يشكل لحظة فارقة في العمل البيئي العالمي.
فنجاحه لا يعتمد فقط على الحكومات، بل على مشاركة فاعلة من كافة فئات المجتمع: الأكاديميين - القطاع الخاص - المجتمع المدني - الشباب والمجتمعات المحلية.
إن تحقيق أهداف 2030 يتطلب التزاما عالميا صارما ومتابعة دورية ومواءمة السياسات الوطنية مع الإطار الجديد ودمج التنوع البيولوجي في خطط التنمية والاقتصاد الأخضر.
أهم المصادر:
* اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (CBD).
* نص الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020.
* تقارير مؤتمر COP15 (مونتريال 2022).
* تقييمات علمية من IPBES و UNEP.
* https://www.cbd.int/development/doc/biodiversity-2030-agenda-technical-note-ar.pdf