مقالات
د. فوزي يونس: يكتب..في اليوم العالمي للتصحر ..فلنحمي الأرض..ونصون الطبيعة
بداية يجب الاشارة الي أن التصحر وفقدان التنوع البيولوجي وتهديد الأمن الغذائي يعدو ثلاثة تحديات مترابطة تعصف بالبيئة والاقتصاد والمجتمعات لا سيما في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. تتقاطع هذه الظواهر مع مجموعة من أهداف التنمية المستدامة (SDGs) مما يجعل مواجهتها ضرورة ملحة لتحقيق مستقبل أكثر توازناً وعدالة بيئية واجتماعية.
في عالم تتزايد فيه التحديات البيئية من تصحر الأراضي وتراجع التنوع البيولوجي إلى تصاعد آثار التغير المناخي يبرز دور الخبراء وقادة الفكر في قيادة جهود بناء القدرات ونشر الوعي البيئي.
فتحت شعار "دعونا نزرع الأمل بدل الرمال" تتحول الكلمات إلى أفعال والمبادرات إلى مستقبل أكثر خضرة واستدامة.
أولا: مفهوم التصحر وأسبابه
التصحر هو تدهور الأراضي في المناطق الجافة نتيجة لعوامل متعددة منها التغيرات المناخية والأنشطة البشرية غير المستدامة مثل:
الرعي الجائر
إزالة الغابات
الزراعة المكثفة على حساب خصوبة التربة
سوء إدارة الموارد المائية
بحسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) فإن أكثر من 40% من مساحة اليابسة مهددة بدرجات متفاوتة من التصحر مما يؤثر على حياة ما يزيد عن 3 مليارات شخص.
ثانيا: فقدان التنوع البيولوجي نتيجة التصحر
تعد النظم البيئية في الأراضي الجافة موطنا للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية المتكيفة مع الظروف المناخية القاسية. ومع تفاقم التصحر:
تفقد التربة خصوبتها مما يقلل من الغطاء النباتي.
تنقرض العديد من الأنواع المحلية بسبب تدهور المواطن الطبيعية.
يختل التوازن البيئي فتقل مقاومة النظام البيئي للصدمات مثل الجفاف والحرائق.
ثالثا: التصحر وتأثيره على الأمن الغذائي
يرتبط الأمن الغذائي بتوافر الغذاء وسهولة الحصول عليه واستقراره وجودته. ويؤثر التصحر سلبا على:
الإنتاج الزراعي: بانخفاض إنتاجية المحاصيل وتآكل التربة.
الموارد المائية: بشح المياه وتملح التربة.
سلاسل القيمة الغذائية: بسبب النزوح من الأراضي المتدهورة إلى المدن أو مناطق أقل هشاشة.
هذا يهدد سبل معيشة الملايين خاصة المجتمعات الريفية والمزارعين محدودي الموارد.
رابعا: الدور المحوري لأهداف التنمية المستدامة
يرتبط التصحر وفقدان التنوع البيولوجي والأمن الغذائي بعدد من أهداف التنمية المستدامة (SDGs) أبرزها:
* الهدف 2: القضاء على الجوع التصحر يقلل من إنتاجية الأراضي الزراعية ويؤثر على الغذاء والتغذية.
* الهدف 6: المياه النظيفة التربة المتدهورة تؤدي إلى تلوث المياه أو فقدانها.
* الهدف 13: العمل المناخي التصحر نتيجة وتأثير للتغير المناخي في آنٍ واحد.
* الهدف 15: الحياة في البر ينص بوضوح على "مكافحة التصحر واستعادة الأراضي المتدهورة ووقف فقدان التنوع البيولوجي".
لذلك من غير الممكن تحقيق التنمية المستدامة دون التصدي للتصحر وصون التنوع البيولوجي.
خامسا: استراتيجيات المواجهة وتعزيز الترابط
لحل هذه الإشكاليات المتشابكة يجب تبني حلول متكاملة تشمل:
1. إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة عبر زراعة النباتات المحلية والمقاومة للجفاف.
2. نظم الزراعة المستدامة مثل الزراعة الحافظة للموارد والزراعة المطرية الذكية.
3. تعزيز الحوكمة البيئية وتمكين المجتمعات المحلية في إدارة مواردها.
4. دمج تقنيات الزراعة الرقمية والتكويد الزراعي لتحسين الكفاءة وتوجيه الموارد.
5. رفع الوعي البيئي من خلال حملات تعليمية وإعلامية خصوصا في المناطق الهشة.
وختاما يرتبط التصحر بقضايا التنوع البيولوجي وكذلك الأمن الغذائي وجميعها قضايا أصبحت قضايا وجودية للجنس البشري. وإن التصحر وفقدان التنوع البيولوجي وتراجع الأمن الغذائي تمثل تهديدات وجودية مترابطة تتطلب استجابة منسقة وفعالة على المستويين المحلي والدولي. ويعد ربط هذه التحديات بأهداف التنمية المستدامة إطارا متكاملا للعمل الجماعي من أجل بناء مستقبل بيئي وغذائي آمن للأجيال القادمة.
وبذلك ادعو الجميع في هذا اليوم للتعاون معا والعمل معا.
وفي النهاية أترك رسالة موجزة موجهة للبشرية جمعاء في اليوم العالمي ???? لمكافحة التصحر والجفاف (17 يونيو):
في هذا اليوم تذكروا أن كل شبر أرض نفقده بسبب التصحر هو خسارة لمورد ثمين ولحياةٍ كانت تنبض ولغذاء كنا نعتمد عليه.
دعونا نعيد للأرض كرامتها ونزرع الأمل بدل الرمال ونختار طريق الاستدامة لا الهلاك.
فمستقبلنا مزروع في التربة ..... فهل نعتني به أم نتركه يتصدع؟
> "فلنعمل معا لحماية التربة وصون الحياة البرية وضمان غذاء آمن لأن كل حفنة تراب تحوي بذور مستقبلنا.
فلنحم الأرض ..... ولنصون الحياة."
وفي اليوم العالمي للتصحر دعوة:
"فدعونا نزرع الأمل بدل الرمال"
د. فوزي يونس
استاذ فسيولوجيا الأقلمة بمركز بحوث الصحراء