الحزب الاشتراكي المصري..الوعي الشعبي وأزمة الثقافة المصرية

جريدة البوابة المصرية
جريدة البوابة المصرية
تهنئة واجبة بالنجاح الباهر في الثانوية الأزهرية سميرة عبد العزيز في المهرجان القومي للمسرح الفن حياتي.. وكل مخرج أضاف لرصيدي «الصحة» تستقبل 60 مليون و494 ألف زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية وزير الثقافة يطلق الخطة القومية لإحياء صناعة السينما وتحويل الأصول المعطّلة لمنصات إنتاج وزير الشباب والرياضة ومحافظ الجيزة يفتتحان 5 ملاعب متنوعة بمراكز الشباب مهند الكلش يتقدم 10 مراكز في قائمة Forbes 2025 لأقوى القادة الإقليميين في التكنولوجيا محافــظ مطروح:يعتمد المرحلة الثانية لتنسيق القبول بمدارس تعليم الثانوى للعام الدراسي 2025/2026 معرض الكتاب ببورسعيد يناقش أثر الذكاء الاصطناعي على الإبداع والتحول الرقمي مدير مكافحة الإدمان وسكرتير محافظة مطروح يشهدان حفل تخريج 100 متعافي جديد رئيس الوزراء يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بمدينة العلمين الجديدة سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقع كتاب يوثق رحلتها المسرحية وفاء فخر المنصورة:تضع روشته لطلاب مصر للاشتراك في المسابقات العلمية العالمية

سياسة

الحزب الاشتراكي المصري..الوعي الشعبي وأزمة الثقافة المصرية

جانب من الندوة
جانب من الندوة

التعرُّض لأحوال الثقافة المصرية، واقعها والتطورات التي تمر بها، وتأثيرها على وعي الشعب المصري وفكره، ليس هرباً من مناقشة الأوضاع الراهنة: سياسياً واقتصادياً، بل هو أمر في صُلب الدخول إلى عُمق هذه القضايا المحورية، والاشتباك مع أحوالها وواقعها، وبحث المخاطر والتهديدات التي تواجهها، ومن ثم تواجه وتؤثر بقوة على أمن مصر الوطني والقومي.
وشعوراً بأهمية هذه القضية الحسّاسة، نظم "الحزب الاشتراكي المصري" ندوة مُهمة تحت عنوان: "الوعي الشعبي وأزمة الثقافة المصرية"، ساهم فيها ثلاثة من كبار المبدعين المصريين، الأساتذة: "ماجد يوسف " الشاعر والناقد والإعلامي، والأستاذ "صبحي موسى" الأديب والشاعر والناقد، والدكتور أسامه فرحات" الأديب والناقد والشاعر، فضلاً عن عدد من المثقفين والمبدعين المُشاركين، تتقدمهم الأستاذة الكبيرة د. "عواطف عبد الرحمن" الأكاديمية والرمز الوطني المحترم، د. "محمد حسن خليل" العضو القيادي بالحزب الاشتراكي المصري، والأستاذ "محمد الشافعي" الكاتب الكبير ورئيس تحرير مجلة "الهلال" الأسبق، والقيادي بحزب التجمع، النائب الأستاذ "عاطف مغاوري"، والقيادي بحزب التجمع أ. "صلاح سليمان"، والدكتورة "كريمه الحفناوي"، والأستاذة الصحفية والأديبة "بهيجه خسين"، والفنانة المبدعة والكاتبة أ. "حياة الشيمي"، السيتاريست المبدعة أ. "إيمان رشاد"، والدكتور المحترم "حاتم الجوهري"، والدكتورة "فرناز" وأساتذة أفاضل آخرين.

مداخلة أ. "صبحي موسى"
افتتح أ. "صبحي موسى" اللقاء، الذي أداره عضو "الحزب الاشتراكي المصري": أ."حميد مجاهد" الصحفي والأديب والفنان التشكيلي، بتقديم تعريفه للثقافة باعتبارها: " ذلك الكل المعقد الذي يشمل المعرفة، المعتقدات، الفن، الأخلاق، القانون، العادات، وأي قدرات وعادات أخرى يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع". وهي بمثابة "طريقة حياة" جماعة معينة، وتنتقل من جيل إلى جيل عبر التعلُّم الاجتماعي.
وأوضح أن نظرة السلطة إلى السياسة الثقافية توزعت على منهجين:
الأول: منهج "التواصل مع البسطاء" من أبناء الشعب، والوصول بالثقافة إلى مواقع حياتهم في القرى والنجوع النائية والأطراف المعزولة، كما تبناه د. "ثروت عكاشه".
والثاني: منهج استقطاب المثقفين وترويضهم وإدخالهم "الحظيرة" الرسمية بمكاسبها وامتيازاتها، أي تدجينهم وتحويلهم من مثقفين للشعب إلى مثقفين للسلطة، وهو ما اتجهت السلطة لتعميمة في فترة حكم "حسني مبارك" ووزير ثقافته، "فاروق حسني"، حيث تم عزل المثقف عن الشارع!
وكان من المنطقي أن يكون هو العهد الذي شهد بدايات محاولات دول النفط استنزاف "الحيِّز الثقافي" المصري بالاعتماد على القدرات المالية الضخمة، حيث احتلت الأنشطة النفطية فضاء المؤسسات الثقافية المصرية، وتراجعت الثقافة المصرية أمام من يملك "ثقافة المنح"!
وأشار أ. "صبحي موسى" إلى أننا بحاجة ماسّه إلى "خطة ثقافية" جديدة، تستجيب لتحديات الوضع الراهن، وتضع حداً للعبث بـ "منظومة القوة الناعمة المصربة"، وبتجريف كل تراثها الإبداعي الكبير، وتشويه دور مصر التاريخي، وتواجه انسحاب الثقافة المصرية الحقيقية من الساحة، تاركةً الباب مفتوحاً أمام التطرُّف والقوى المُعادية والمُتخلّفة، وطالب بإنشاء "مجموعة ثقافية " يكون وزيرها نائباً لرئيس الوزراء، كما كان في الماضي، وعلى غرار "المجموعة الاقتصادية".
وأشار إلى أن قوام هذه الخطة المرجوّة يجب أن يعتمد على "تعليم" راقٍ، نقدي، ومتطور، كبوابة للتثقيف العام، و"إعلام" حيٍ، وصادقٍ، وصانع للأفكار والمواقف، و"فكر ديني" مُتسامح، وموضوعي، ومتماشٍ مع العصر ومقوماته، مُشيراً إلى مأساة إغلاق أكثر من 120 موقعاً ثقافياً، مؤخراً، بدلاً من علاج النقص، ومضاعفة طاقة الإبداع والتثقيف العام للمجتمع!

مُداخلة أ. ماجد يوسف
وقد تناول أ. "ماجد يوسف" القضية من منظور آخر، مُكملٍ للمنظور السابق، حيث طرح أننا غالباً ما نتناقش حول وضع الثقافة بإزاء السلطة، أو "المؤسسة"، بينما نتجاهل مناقشة مسألة الثقافة باتجاه المثقف ودوره العريض أمام المجتمع!
ودلل على هذه الإشكالية من خلال سرد تجربته العملية داخل بعض "الأروقة الثقافية" الرسمية، والتي بينت أن العديد من المارسات العملية للمثقفين لا تقل استبداداً عن ممارسات سلطة الثقافة ذاتها، ومنها على سبيا المثال إحتكار بعض الأسماء المرموقة من المثقفين لمواقع القيادة الثقافية، ولسنوات وعقود ممتدة، حرصاً على الصالح الشخصي لا الصالح العام!
وأضاف أن محاولات تجاوز السقف الموضوع، والخروج من "الصندوق" والتوجُّه إلى الجماهير العريضة، بإبداعها المُتميز، وتنوع عطاءاتها، وانتشار مبدعيها على أرجاء الوطن كله بعيداً عن احتكار العاصمة والمدن الكبرى، لم يلق تجاوباً رسمياً، ولم يرتح له العديد من "القيادات الثقافية" التقليدية، بل وبعض المنتمين منها إلى الاتجاهات التقدمية، التي كانت لا تحتمل الاجتهاد خارج السياق، أو الخلاف في الرأي حول الأعمال الفكرية والإبداعية، مثيراً قضية "تقوقع" المثقف والمبدع في نطاقه الإبداعي الضيق، وانفصاله عن باقي مجالات الإبداع "كالقصة، والقصيدة، والرواية، والنقد، والموسيقى، والمسرح، والفنون التشكيلية، وغيرها من آيات الإبداع الإنساني المتكامل"، كما شرح تجربته المُباشرة لمحاولة الإسهام في إعادة الكتابة الصحيحة لبعض مراحلنا التاريخية ورموزها المعروفة، وكيف تم مقاومة هذا الاجتهاد والتعامل معه بسلبية إن لم يكن ٍ واضح!
وعرض أ. "ماجد" لتجربته الثرية في قناة "التنوير"، والتي حوربت بضراوة، وتعرَّضت لحملات لا تتوقف لمحاولة تخريب مسعاها التنويري، ليس من جانب السلطة وإنما من قطاعات "النخبة"، المُستفيدة من بقاء الوضع المتدهور على ماهو عليه من جمود، والحاقدين على ما لقيته القناة من استحسان شعبي، وقبول عريض لما أنتجته من أفكار، وطرحته من رؤى، رغم التقتير المادي، وضعف الإمكانات!
وأشار إلى انقطاع صلة المثقف المصري المُعاصر بـ "الناس"، على العكس مما كان قائماً في الماضي، والتأثير السلبي لهذه الوضعية على المثقف ودوره، وعلى تأثيره في القطاع العريض من المواطنين، الذين يُعانون من الفقر والأمية وتدهور الحال والوعي!
وختم بأن النظر إلى "الثقافة" أمر غير مُجدٍ، ما لم نتفهم ـ بشكلٍ حقيقي ـ دورنا في المجتمع، بعيداً عن مصالحنا الشخصية، ومكاسبنا الخاصة، وليس باعتبار المثقفين فئة مُمَيَّزة أو "طليعة" بالمعنى السوقي للكلمة، مُقترخاً أن تنهض الأحزاب التقدمية الوطنية بمهمة على درجة كبيرة من الضرورة: "محو أميّة الجماهير" الغفيرة، في مقارها بالمحافظات والمواقع النائية، وأن تحمل رسالة نشر العلم الصادق والمعرفة الصحيحة بين صفوف شعبنا، وهو الأمر الذي لا يمكن رفضه، أو الوقوف في وجهه، والذي بدونه لا أمل في المستقبل!

مُداخلة إ. "أسامه فرحات"

"ترتعد فرائص المستبد من علوم الحياة، مثل الحكمة النظرية والفلسفة العقلية وحقوق الأمم وطبائع الاجتماع والسياسة المدنية والتاريخ المفصل والخطابة الأدبية، ونحو ذلك من العلوم الممزقة للغيوم، المبسقة للشموس، المحرقة للرؤوس".
"عبد الرحمن الكواكبي" ــ (1854ــ 1902م)

"هناك ارتباط كبير بين الوعي الجمعي وأزمة الثقافة فالأسباب التي تؤدي إلى أزمة الثقافة هي نفسها ما يؤثر في الوعي الجمعي لمجتمع ما ويتبين ذلك من تعريف كل منهما.
فالثقافة هي نظام متكامل يشتمل على كلٍّ من المعرفة، والفن، والقانون يتكوّن من مجموعة من القيم والمعتقدات، والإجراءات، والمعارف، والسلوكيّات التي يتم مشاركتها ضمن مجتمع بعينه. والتي تعكسها اللغة السائدة فيه.
والوعي الجمعي هو المجموعة المشتركة من القيم والمعتقدات والعادات والأفكار التي يشارك بها أفراد مجتمع ما. هذا الوعي يشكل نظاماً ثقافياً معيناً ويساعد في تحديد كيفية تفاعل الأفراد مع بعضهم البعض ومع المجتمع ككل. ومن ثم تحدد درجة هذا الوعي من خلال القدرة على إدراك القضايا المختلفة التي يواجهها المجتمع.
هذا التماثل بين الثقافة والوعي الجمعي في التعريف وفي الوقت نفسه التأثير المتبادل لأحدهما في الآخر يجعل من أسباب أي أزمة يعانيها كل منهما واحدة.
ولكن قبل الحديث عن أزمة الثقافة يثور سؤال هو هل نحن نتحدث عن أزمة الثقافة أو أزمة المثقفين فلو كنا نتحدث عن الأولى فيجب أن نعي أن أزمة الثقافة تخص المجتمع كله بل كافة المواطنين على أرض هذا البلد فهذه الأزمة عندما تستفحل ترجع بالبلد إلى الوراء تهدم ما أنجزه الرواد السابقون ممن حملوا مشاعل النهضة الفكرية وتعمل على تسييد كل ما من شأنه يؤدي إلى تغييب وتزييف الوعي الجمعي.
وعلى هذا الأساس يمكننا أن نعدد هذه الأسباب فيما يلي:
• أولها هو تفشّي الأمية وتراجع الاهتمام بالتعليم حيث كانت نسبة الإنفاق على التعليم في عام 2024 1.7% من الناتج المحلي في حين أنه طبقاً للدستور 2014 يجب ألا تقل النسبة عن 6% من الناتج المحلي الإجمالي. وتفريغه من محتواه من حيث كونه وسيلة لتنشئة جيل واع قادر على المشاركة في تنمية وبناء المجتمع ليصبح مجرد وسيلة للحصول على رخصة تسمى الشهادة والاعتماد على نهج الحفظ والتلقين.
• الترويج لخطابات القبلية والطائفية والطبقية الاستعلائية وبروز التيارات الدينية السلفية التي تسعى لتسييد فكرها وإلغاء الأخر ولجوء بعضهم إلى سلاح التكفير الذي شكل عائقاً لحرية الإنتاج الثقافي والإبداعي. واحتضان الأنظمة لهم ولو بشكل مؤقت لمواجهة الفكر النقدي المعارض. واتخاذ الحكام ممن يسمون وعاظ السلاطين أدوات لهم تبرر أفعالهم وتلوي عنق الشرع ليكون في خدمة الحاكم.
• عدم الاهتمام باكتشاف المواهب وتنميتها، وتضاؤل الاهتمام بثقافة الجماهير إلى الحد الذي أدي في المرحلة الحالية إلى إغلاق قصور الثقافة في المحافظات التي كانت في الأصل منفذا مهما لكل محب للأدب أو الكتابة يجد من خلالها الطريق إلى أن يصبح أديباً دون الحاجة إلى طرق أبواب إعلامية موجودة بالعاصمة. فضلاً عن أن تركيز وزراء الثقافة في العقود الأخيرة كان على المؤتمرات المهرجانات سواء على مستوى السينما أو المسرح التي لا يفيد منها الإنسان المصري في النجوع شروى نقير.
أما لو تحدثنا عن أزمة المثقفين فتتمثل في عدة أسباب أهمها ما يلي:
• افتقاد حرية التعبير والإبداع سواء في الكتابة أو الفنون السمعية والبصرية أو فيما ينشر بالصحف وما تبثه وسائل الإعلام من موضوعات.
• الانكفاء على الذات والفردية والاغتراب عن العالم المحيط بمعنى المجتمع بتقاليده وموروثاته.
• شيوع ثقافة الاستهلاك وربط الثقافة بعملية الاستهلاك الأمر الذي يجعل الفعل الثقافي مرتهنا ضمن صيرورة تلبية الحاجات الأساسية المتزايدة باستمرار على حساب القيمة الاستطيقية للمنتوج الثقافي منظورا إليه في ذاته.
• انتقال القوة الإقليمية من مصر أم الحضارة الإنسانية التي قامت بها أول حكومة مركزية في التاريخ إلى الدول النفطية وسيادة القوة المالية على القوة الفكرية والثقافية وبروز مراكز ثقافية جديدة في كافة مناحي الثقافة، من خلال القوة المالية النفطية ويتحول الإنتاج الثقافي إلى مواد للترفيه والتقليد الأعمى للغرب والنموذج الأمريكي لا تضيف شيئاً للوعي الجمعي بل تنحدر به إلى أسفل المراتب



Italian Trulli