مقالات
يوم أفريقيا 25 مايو: احتفاء بالوحدة ودفع لعجلة التنمية في القارة السمراء
أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي أنه في الخامس والعشرين من مايو من كل عام نحتفل بيوم إفريقيا؛ يوم الوحدة والتضامن. هذا اليوم الذي يرمز إلى طموحات الشعوب الإفريقية في مستقبل مشرق وتنمية مستدامة. فمصر التي تمتد جذورها في عمق التاريخ الإفريقي، تؤكد التزامها الراسخ بدعم التعاون البنّاء، وتعزيز جهود التنمية والسلام في ربوع القارة السمراء لنصنع لأبناء إفريقيا غدا أكثر إشراقا وازدهارا؛ كل عام وإفريقيا قوية ومتحدة وماضية نحو التقدم المنشود.
مما يعكس اهتمام القيادة السياسية بالقارة.
كما تؤكد القيادة السياسية في يوم أفريقيا التزامها العميق بتعزيز التعاون مع دول القارة ودعم جهود التنمية المستدامة انطلاقا من إيمان راسخ بوحدة المصير الأفريقي وأهمية التكامل لتحقيق مستقبل مشترك مزدهر.
ففي الخامس والعشرين من مايو من كل عام تحتفل القارة السمراء بـ"يوم أفريقيا" في ذكرى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 التي مهّدت الطريق لقيام الاتحاد الأفريقي لاحقا.
يمثل هذا اليوم مناسبة رمزية لتعزيز روح التضامن والوحدة بين الدول الأفريقية ويجسد تطلعات الشعوب نحو مستقبل يسوده السلام والتنمية المستدامة. إنه ليس مجرد احتفال بل محطة لتقييم ما تحقق من إنجازات وتأكيد الالتزام الجماعي بتحقيق نهضة شاملة تقودها أفريقيا من أجل أفريقيا.
أولا: التطور التاريخي للاحتفال بيوم أفريقيا
1963: يعتبر يوم 25 مايو تخليدا لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية التي تم إنشاؤها في هذا اليوم في أديس أبابا، إثيوبيا بمشاركة 32 دولة أفريقية مستقلة وكان الهدف منها تعزيز التضامن بين الدول الأفريقية وتحرير القارة من الاستعمار ومواجهة التحديات المشتركة.
2002: تحوّلت منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي African Union (AU) لتعكس تطورًا في الرؤية من مجرد تحرير سياسي إلى تكامل اقتصادي وتنموي وتفعيل العمل الجماعي في مجالات الأمن والتنمية والحكم الرشيد.
منذ ذلك الحين أصبح يوم 25 مايو يُعرف رسميا بـ"يوم أفريقيا" ويُحتفل به سنويا في الدول الأفريقية وخارجها لتعزيز الهوية القارية وتكريم نضالات الماضي والتطلع نحو مستقبل موحد ومزدهر.
ثانيا: انعكاسات يوم أفريقيا على نهضة وتنمية القارة
1. تعزيز الهوية والوحدة القارية
يعيد الاحتفال التأكيد على الهوية الأفريقية المشتركة ويعزز الإحساس بالانتماء والاعتزاز بالتنوع الثقافي الغني.
2. تسليط الضوء على قضايا التنمية
يُستخدم اليوم كمنصة لتسليط الضوء على التحديات مثل تغير المناخ - الأمن الغذائي - التعليم - الصحة وتمكين الشباب والمرأة.
3. تحفيز التعاون الإقليمي
يشجع على الشراكات بين الدول الأعضاء ويعزز تنفيذ مبادرات مثل أجندة أفريقيا 2063 التي تمثل خارطة طريق لتحقيق أفريقيا متكاملة ومزدهرة يقودها مواطنوها.
4. جذب الاهتمام الدولي للقارة
يوفر فرصة لتقوية العلاقات مع الشركاء الدوليين وبناء تحالفات من أجل التنمية المستدامة والاستثمار.
5. دعم الثقافة والابتكار
يبرز التراث الثقافي والإبداعي الأفريقي ويعزز الابتكار وريادة الأعمال بين الشباب، باعتبارهم محركا رئيسيا للنمو.
لماذا أقر عام 2063 كوعد زمني لتحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا؟
إقرار عام 2063 كموعد لتحقيق أهداف التنمية والتحول في أفريقيا جاء ضمن أجندة أفريقيا 2063 والتي تبناها الاتحاد الأفريقي عام 2013 بمناسبة الذكرى الـ50 لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية وذلك للأسباب التالية:
1. منظور زمني استراتيجي وطموح (50 سنة):
أرادت الدول الأفريقية وضع رؤية طويلة المدى تمتد لـ50 عاما مشابهة لما فعلته دول أخرى مثل الصين (بخططها الخمسينية) بهدف إحداث تحول شامل وهيكلي في القارة.
الأجندة تعكس تطلع أفريقيا لأن تصبح قارة مزدهرة ومتكامل وآمنة بحلول 2063 بقيادة أبنائها.
2. استلهاما من الماضي واستعدادًا للمستقبل:
عام 2013 كان نقطة تحول وذكرى مرور 50 عامًا على نشأة منظمة الوحدة الأفريقية فأراد القادة تحويل تلك الذكرى إلى نقطة انطلاق جديدة نحو 50 عامًا قادمة من التكامل والتنمية.
3. الحاجة لتكامل جهود القارة مع أهداف التنمية المستدامة العالمية (SDGs 2030):
رغم أن أهداف الأمم المتحدة تنتهي عام 2030 فإن أفريقيا رأت أن التحديات التنموية العميقة تتطلب رؤية أوسع وأطول مدى مع الاستفادة من أهداف 2030 كمرحلة أولى ضمن خطة 2063.
4. إشراك الشباب والأجيال القادمة:
الأجندة تركز على بناء أفريقيا التي يحلم بها جيل 2063 أي الأطفال والشباب اليوم الذين سيكونون قادة الغد وبالتالي فهي رؤية تمتد عبر الأجيال.
5. مواءمة الرؤية مع أولويات أفريقيا الخاصة:
الأجندة لا تقتصر على الأبعاد الأممية للتنمية (مثل الفقر والصحة والتعليم) بل تتضمن أولويات أفريقية مثل:
* الاندماج الإقليمي
* الاستقلال الاقتصادي
* إسكات البنادق (السلام والأمن)
* نهضة الثقافة والهوية الأفريقية
التصنيع والاقتصاد الأخضر
وفي الختام اختيار عام 2063 ليس رقما عشوائيا بل هو قرار رمزي واستراتيجي يجسد طموح أفريقيا في التحول الجذري ويمنحها الوقت الكافي لوضع وتنفيذ سياسات مستدامة تحقق العدالة والسيادة والتنمية بقيادة أفريقية خالصة.
هذا كما أن يوم أفريقيا ليس مجرد مناسبة رمزية بل يمثل محطة سنوية لتجديد الالتزام الجماعي بنهضة القارة وتحقيق تطلعات شعوبها نحو السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. إنه دعوة لتمكين الأفارقة من قيادة مستقبلهم من خلال التضامن والمعرفة والتكامل الإقليمي.