اسلام يوسف.. يكتب.. 3 جواهر من اخراج سكورسيزي.. الأيرلندي..شوارع وقحة..صمت

جريدة البوابة المصرية
جريدة البوابة المصرية
تهنئة واجبة بالنجاح الباهر في الثانوية الأزهرية سميرة عبد العزيز في المهرجان القومي للمسرح الفن حياتي.. وكل مخرج أضاف لرصيدي «الصحة» تستقبل 60 مليون و494 ألف زيارة من السيدات لتلقي خدمات الفحص والتوعية وزير الثقافة يطلق الخطة القومية لإحياء صناعة السينما وتحويل الأصول المعطّلة لمنصات إنتاج وزير الشباب والرياضة ومحافظ الجيزة يفتتحان 5 ملاعب متنوعة بمراكز الشباب مهند الكلش يتقدم 10 مراكز في قائمة Forbes 2025 لأقوى القادة الإقليميين في التكنولوجيا محافــظ مطروح:يعتمد المرحلة الثانية لتنسيق القبول بمدارس تعليم الثانوى للعام الدراسي 2025/2026 معرض الكتاب ببورسعيد يناقش أثر الذكاء الاصطناعي على الإبداع والتحول الرقمي مدير مكافحة الإدمان وسكرتير محافظة مطروح يشهدان حفل تخريج 100 متعافي جديد رئيس الوزراء يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بمدينة العلمين الجديدة سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقع كتاب يوثق رحلتها المسرحية وفاء فخر المنصورة:تضع روشته لطلاب مصر للاشتراك في المسابقات العلمية العالمية

مقالات

اسلام يوسف.. يكتب.. 3 جواهر من اخراج سكورسيزي.. الأيرلندي..شوارع وقحة..صمت

اسلام يوسف
اسلام يوسف

فيلم الأيرلندي.. يتناول قصة حقيقية لمقاتل امريكي يدعي فرانك شيران..وضاطرته الظروف بعد عودته أن يعمل مع المافيا

في نهاية حياته ظل يردد عدة كلمات بكثافة كبيرة منها

It's so final …نهائي جدا

That’s bottom line انها النهاية

من المؤكد أن كان يصف أحساسه بأقتراب الموت ،ولكن لماذا لا نشعر للحظة أن فرانك شيران.. يملك أي أمل في الحياة القادمة.. أو أي أمل في العالم الأخر..أو أي أمل في أن ينال رحمة ربه ويغفر له كل شئ فعله في حياته .

في حوار (فرانك )مع (الراهب) يسأله الأخير:هل تشعر بأي ذنب، أوتأنيب ضمير ؟

يجيب( فرانك ) وكأنه خشبة يابسة :لا ...

ينظر له (الراهب ) محاولا رؤية أي شئ في عينيه..لكنه لا يجد أي شئ.. فقد اصبح رجلا فارغا بصورة تامة.

فكيف حدث هذا..لكي نفهم يلزمنا الرجوع لتعامل (سكورسيزي) مع الدين منذ بداية مسيرته وتطورها حتي الأن .

شوارع قاتلة

أنت لا تكفر عن خطاياك داخل الكنيسة..بل أنك تكفر عنها في الشوارع..أو في البيت..طوال اليوم.

تلك كانت أفتتاحية فيلم (شوارع وقحة) علي لسان (تشارلي)بطل الفيلم الذي يعاني صراعا مسيحيا واضحا ،انه يريد أن يشعر بشئ.. انه يريد أن يخوض رحلته في العالم ولكنه يتعرض للإغواء والضعف والتعذيب ويخرج بكنزة ..تضحية دموية ستفتك به وهو يعلم هذا منذ البداية ،منذ البداية وهو يمسك بذور فنائه ويتتبعها.

،وهو شئ مميز لكل مسيرة سكورسيزي.. فكل أفلامه ذات ميول انتحارية، ايقاعه يسير داخل دماغ مهووس، ومتبلد ومنتحر، أبطاله حسيين بشده.. فما فائدة الحياة اذا لم نشعر بشئ يمكن أن يضحي الإنسان بذاته في سبيل شعور حقيقي مزلزل..حتي لو كان ذلك سيؤدي إلي اكتساح ذرات وجوده .

في مشهد داخل الكنيسة يقول تشارلي (أنا لا أشعر بشئ)..وينظر لتمثال (السيد المسيح)..في تلك اللحظة نجده يتبع (عيسي ) أكثر من الكنيسة..لأنه يريد أن يغزو العالم..ليعرف هويته الحقيقية، يريد أن يقتل البشر حتي يشعروا بالحب مرة أخري .

لماذا يساعد (تشارلي) صديقة (جوني )؟

رغم علمه بطيشة وديونه مع كل رجال عصابات الحي، كما يعرف ادمانه للقمار وغيره..وكذلك فوضويته.. هناك موقف في الفيلم يخرج (جوني)علي أحد الأسطح محاولا أطلاق النار علي أضواء مبني (امباير استات)،هو يحب مده وتشديده لوتر الحسية للنهاية.. لأنه شخص يراهن في كل لحظة من حياته علي حياته نفسها فهو شخص يريد الوصول للمطلق حتي يسخر منه، فقد كان جوني لا وعي (تشارلي)،عند هذه اللحظة تدخل (مارتن سكورسيزي)..تدخل فعالا..اولا بصوته وثانيا بمسدسه.

سكورسيزي يقول بعض جمل البطل بصوته في تداخل غريب للناريشن، ويمسك مسدسه ويقتل جوني بطريقة وحشية باطلاق طلقتين في الرقبة ، سكورسيزي قتل جزء من ذاته حتي يصير مخرجا ويخرج من عقلية الحي..وهذا تداخل تجريبي فهو ليس فيلم ذاتي فقط ،بل قتل للذات.

الأغواء الأخير للمسيح

(ميثولوجيا البطل الممزق )

المخرج سكورسيزي يري الشخص المتنبئ بمنظور جديد..كالنبي أو صاحب أي رسالة فروحه من المستحيل أن تكون راضية..أن يكون هادئا فلا هدوء في هذا العالم.. يقول (جوزيف كامبل) عن البطل: البطل دائما شارد،غاضب ،حالم ،لأنه دائما منصرف عن هذا العالم متأمل في العالم الجديد الذي يريد خلقه .

هذا هو غضب (المسيح)،لماذا هو شخصية مفضلة لسكورسيزي ،مرة أخري لأنه يشد ذاته كالوتر للنهاية ،عندما يفعل شخص ما هذا الشئ ،فأنه يستهين بشئ جوهري..انه يستهين بالحياة .

فما يحرك عيسي.. ليس الحكمة..بل السخط من العالم ،ولكن في نقطة جوهرية في صراعة يدرك شيئا مرعبا..فسخطه ليس بسبب العالم كما كان يفكر..بل ان سخطة نابعا من ذاته.. ومن طريقة خلقة، وهذا وضع لا حل له .

لذلك في لحظة ما وتحت تأثير الحمي وعدم الإحتمال يقول..يهوذا..خانني فالخيانة هي الجزء الصعب.. أما التضحية فهي الجزء السهل .

لذلك عندما يخونه (يهوذا) فإنه يخلصه من الشرط البشري..فمأساة المسيح أنه أراد أن يكون شعرا..أن يكون حلما.. ولما لم لن يكون محتملا الجسد البشري،فهو فكرة عذراء من خارج العالم ،تلك أخر أفكاره عن الصليب .

(صمت)

بعد كل ما تناولناه عن تعامل (سكورسيزي)مع الدين نعرف كيف يفكر الأستاذ في الإله ،الإله هو الحياة.. ،وهذه التجربة نفسها .

لذلك عندما قتل (فرانك شيران) صديقه (جيمي هافا)..فإنه لم يقتل شخص مهم بأمريكا..بل كان مجرد قتل شئ جيد وجميل وروحاني بالنسبه اليه..أي انه قتل لمعني الحياة.. قتل العشق.. لذلك نجده في نهاية حياته لا يشعر بشئ.. والكابوس الذي يطارده جعل منه شخصا مبلد المشاعر ولكنه يستطيع أن يشعر..نعم انه شعور واحد فقط..،هو الصدأ.

فهو يشاهد الحياة من الخارج ولا يستطيع المشاركة فيها والأسوأ أنه يعرف أن الحياة الأخري –حياة ما بعد الموت – لن تكافئة بشئ ،لأن الترابط عضوي ،وهو فعلا في هذه اللحظة يعرف يقينا أن الإله عادل وحتي لو كان رحيما فانه يحتاج منك الي شئ نبيل حتي يتواصل معه.

ولكن (فرانك شيران) جعل حياته ومشاعره صحراء..و لن يجد الإله ينتظره في الناحية الأخري.. وللعلم فإن هذا هو الفهم المصري للحياة.. فما تفعله في حياتك هو ما سوف تجده في الحياة الأخري..وهو الفهم الذي م وصل إلي ذروته في عهد اخناتون.. فاخناتون كان يريد تحويل العالم كله لمعبد كبير ،ولكن العالم لم يكن جاهز لهذا التغيير .

أفضل أداء (لروبيرت دينيرو)أخر عشرين عاما.. فيلم "أشكالي وذبائحي"..ومرحبا بكم فهذا عالم (مارتن سكورسيزي ) .أوالعجوز (سكورسيزي).



Italian Trulli